الاثنين، 21 مارس 2011

ماري أسعد: الخوف من "الآخر" أكبر عدو للمصريين

 حوار: كوثر الخولي

تؤمن "ماري أسعد" خبيرة التنمية الاجتماعية بأن مصر بعد ثورة 25 يناير ستكون أفضل، وأن الشباب هم خير ضامن للمحافظة على مكاسب الثورة. تمنت أستاذة الأنثروبولوجي بالجامعة الأمريكية سابقاً(88 عاما) أن تكون أصغر خمسين عاما حتى تستطيع مشاركة الثوار في ميدان التحرير الذي يبعد عن بيتها أمتار قليلة لكن رغم ذلك تؤكد "ماري"-كما يحب أن يناديها تلامذتها- أن التواصل مع شباب 25 يناير مستمرا قبل وأثناء وبعد الثورة.

تدعو -أمين عام مساعد الأمانة العامة لمجلس الكنائس العالمي سابقا(أول إمرأة تتبوأ هذا المنصب)- الأقباط لعدم الخوف من مستقبل مصر بعد الثورة، وتعتبره-أي الخوف- أكبر عدو للمصريين معا(مسلمين وأقباط)، وتؤكد على أن النظام السابق قد استخدم "فزاعة الإسلاميين" لتكريس الانقسام بين المصريين.

تهتم "ماري أسعد"- صاحبة دراسة " تجارب في تنمية المجتمع في مستوطنة الزبالين"- بالفئات الأكثر فقرا والمهمشين الذين يتم إغفالهم ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، لهذا بادرت بعقد ندوة للتوعية بالتعديلات الدستورية في "حي الزبالين بمنشية ناصر" بمنطقة المقطم (شرق القاهرة وهو من الأماكن الفقيرة والتي شهدت توترات دينية بعد حادث هدم كنسية إطفيح بقرية صول المصرية مؤخرا) ، كانت حريصة خلال الندوة التعريف بثورة 25 يناير وتأثيرها الايجابي على المصريين وكيف اختفت خلال الثورة مظاهر التوتر الديني بين المسلمين والأقباط.

التعديلات الدستورية

في الندوة التي نظمتها "جمعية حماية البيئة من التلوث" التقيت بالسيدة التي عاشت ثورتين قالت عن أولاهما حركة جيش انضم إليها شعب والثانية ثورة شعب انضم إليها جيش ، وهناك في منشية ناصر حضر " أقباط ومسلمين" من سكان الحي ذي الأغلبية القبطية وحاضرت فيها الناشطة الاجتماعية د. فيفيان فؤاد..شهدت احتياجا لعقد هذه الندوات بصفة دورية لتحرير الفئات المهشمة من معوقات الوعي والإدراك.

لـ "ماري أسعد" دور هام في دعم المواطنة وتعزيز الحياة المشتركة، حيث قامت بعد تفجيرات كنسية القديسين بالإسكندرية في يناير 2011، بإطلاق مبادرة  تحمل اسمها وتضم نخبة من المثقفين والمهمومين بالسلام الاجتماعي منهم( د.عالية المهدي-سمير مرقس-د.هبة حندوسة-د. فيفيان فؤاد-هشام جعفر وآخرين... وسيتم الإعلان عن تفاصيلها في الأيام القادمة.

تقول "ماري" عن ثورة 25 يناير: إن المظاهر الحضارية التي رافقت الثورة هي من أكثر الأمور التي أعادت لي مصر التي أحبها، وأيضا عرفت من الشباب وقت الثورة إنهم يرفعون شعارات "سلمية..سلمية" وكذلك " لا مسلم ولا قبطي..كلنا مصريين"، وكذلك مظاهر أخرى مثل المستشفي الميداني ولجان التفتيش والتنظيم قبل الدخول إلى الميدان، كل هذه المظاهر الحضارية أكدت لي أن هذه مصر التي اعرفها والتي أتمناها.

هذه المظاهر الحضارية كانت بمثابة مصدر سعادة لي، حتى ظهرت بعض أصوات "التخوين" والأفكار التي تغذي التوتر الديني في محاولة لاختطاف الثورة وتحويل مسارها.

ثقافة الإقصاء

في سياق المقارنة بين ثورتي 23 يوليو 1952 و25 يناير 2011 لإدراك الدروس المستفادة ولعدم تكرار الأخطاء تقول "ماري": كنت من أشد المتحمسين لثورة 1952 لأني كنت ضد الإقطاع ومع العدالة الاجتماعية، ولم تكن لدينا وقتها أي حساسيات من حكم العسكر، فكنا نرى أنهم مخلصين هدفهم إصلاح مصر بعد الفساد الذي كان منتشرا أيام الحكم الملكي، لكن بعد ذلك اختلف الأمر وخاصة بعد انتشار الخوف بين الناس وهذا ما " قسم ظهر الدولة" ، ورغم أن الثورة قامت لأجل الفقراء إلا أن غياب الديمقراطية كانت من أكثر الأمور التي أفسدت مكاسب الثورة.

وتضيف: "من أكثر الأمور أيضا التي أضرت بالثورة وقتها نتيجة لانتشار الخوف وعدم الانتماء هي مقولات من قبيل" اشتغل كتير تغلط كتير..واشتغل قليل تغلط أقل"، وأيضا رفع البعض شعار " اكسب واهرب"، مما أضر كثير بالبلد وأضعف مظاهر الانتماء والإخلاص للنهوض به.

وتستطرد: ثم جاء السادات بعد ذلك وألغى كل ما نادي به عبد الناصر بل واعتبر من ينتمي إلى أفكاره "خائن، وبدأ ظهور رأس المال الطفيلي ، وفي هذا الوقت تحديدا ظهر الانقسام في البلد بين المسلم والمسيحي، حيث تم الاستخدام السياسي للدين عندما قال الرئيس السادات وقتها "أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة "، وكان استخدام السادات لهذا المصطلح هو استخدام سياسي لمحاربة الشيوعية، مما جعل عند الطرفين "المسلم والمسيحي" إعلاء للهوية الدينية وإظهار متعمد للحية والصليب، وغاب الانتماء للبلد و انتشر الخوف من الآخر.
وتؤكد: رغم أن زوجي من أكثر من تضرروا من ثورة 1952 عن طريق لجان تصفية الإقطاع إلا أن مسألة مراعاة الفقراء كانت من الأمور التي تحمسنا لها جدا، وأود أن أشير إلى "انتشار ثقافة الإقصاء" في الفترة ما بعد ثورة يوليو كانت منتشرة جدا وقتها مما جعل هناك ظلم لعدد من الناس لأنهم كانوا يمتلكون أراضى أو ممتلكات، وهذا ما رصدته في دراسة في الجامعة الأمريكية عام 1965 لي بعنوان " تغيير القيادة من الشكل القديم إلى الجديد".

خوف الأقباط

وفي سؤال حول ملاحظة البعض لمظاهر الخوف والقلق التي اعترت الأقباط بعد الثورة تقول ماري: هناك بعض الأقباط شعروا بالخوف وخاصة من الإخوان المسلمين، ويرجع السبب لذلك-كما تقول ماري- من التخويف الذي يمارسه البعض داخل الكنيسة في محاولة لفرض الحماية وعدم اختلاط الأقباط بالعالم الخارجي، وهؤلاء أيضا هم من نادوا بمنع الأقباط من الخروج في المظاهرات أثناء الثورة، وللأسف ساهم النظام السابق بشكل كبير في دعم هؤلاء لممارسة هذا الدور الخطير.

وتضيف: في هذا الصدد أقول إني سعيدة جدا بإنشاء الإخوان حزب "العدالة والحرية" وسمعت عن دعوتهم للأقباط لدخول الحزب، و أدعو الأقباط للانخراط في الحياة العامة، فالعدالة والحرية في الإنجيل لها معاني قيمة جدا وأدعو الأصوات المعتدلة مثل "الأنبا موسى" إلى أن ينادي بذلك، حتى يخرج الأقباط من الخوف الذي يعيشون فيه.

تدعو "ماري أسعد" الأقباط إلى التحرر من الخوف، وأن يكون لديهم درجة من الوعي بين ما يقال في الكنيسة وبين ما قاله المسيح، فالإيمان وليس الخوف هو ما يكسبني قوة المحبة التي تجعلني أستطيع التغلب على الشر. فأنا أدعو للسلام الاجتماعي وأدعو للجميع مسلمين وأقباط  إلى الإيمان بالله وعدم القلق من المستقبل، فالخوف هو اكبر عدو لنا جميعا.

المواطنة..واجب الوقت

تعتقد "ماري أسعد" أن دعم مفهوم المواطنة وتشبيك الجهود الوطنية المخلصة من أجل حماية منجزات 25 يناير والتي أثبتت أن المصريون معا على قلب رجل واحد يجب أن يكون لها الأولوية الفترة القادمة، وصرحت  بان مشروعا يجري التنسيق له مع المفكر المصري سمير مرقص وأطراف وطنية أخرى، يهدف إلى التنبيه المبكر عن بؤر التوتر الديني في المحافظات المختلفة، كذلك رصد مظاهر التمييز الديني في المجال العام والتي قد تؤدى إلى توترات ومشاحنات، وأيضا رصد التمييز في الخطابات الإعلامية والثقافية والدينية والسياسية، والمناهج التعليمية، التي قد تسهم في حدوث التوترات. ووضع البدائل والحلول العملية المناسبة لمواجهة التوترات التي قد تحدث وتحديد طبيعتها وتوصيفها بدقة من حيث التمييز بين الوقائع ذات الطبيعة الدينية والوقائع الاجتماعية. ووضع إستراتيجية طويلة الأمد في المجالات الثقافية والتعليمية والإعلامية والقانونية.

 كوثر الخولي 17 مارس 2011-موقع أون إسلام
http://www.onislam.net/arabic/adam-eve/women-voice/129646--25-.html


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق